جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح مختصر زاد المعاد
33528 مشاهدة
حكم مسح الرأس والأذن

...............................................................................


ثم من أعضاء الوضوء مسح الرأس قال الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ جاءت السنة بمسح الرأس كله، إمرار اليدين عليه مبلولتين بالماء، تارة يبدأ بمقدم رأسه ثم يمر يديه إلى قفاه ثم يردهما، وتارة يبدأ بمؤخر رأسه فأقبل بهما وأدبر، يجوز ذلك، والقصد تعميم الرأس، ولا يجوز الاقتصار على بعض الرأس هذا هو الذي تؤيده الأدلة.
ذهبت الحنفية إلى أنه يجوز مسح ربع الرأس، واستدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته، ولكن الحديث الذي ورد في ذلك في حديث عن المغيرة مسح بناصيته وعلى العمامة والخفين، كان قد جعل على رأسه عمامة شدها على رأسه وبدت الناصية التي هي مقدم الرأس فمسح بالناصية، ثم كمل المسح على العمامة، فهذا دليل على أنه لم يقتصر على الناصية.
وخالف أيضًا في ذلك الشافعية فأجازوا أن يمسح جزءًا من الرأس ولو شعرة، وقالوا: إن الباء في وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ للتبعيض، وهذا خطأ فهموه من كلام للشافعي ليس بصريح، وتشددوا في ذلك تشددوا فيه فقالوا: يكفي مسح بعض شعرة، ولا شك أن هذا مخالفة للنصوص، ما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على بعض رأسه إلا إذا كانت عليه عمامة فإنه يكملها، والعرب لا تعرف أن الباء للتبعيض بل الباء في قوله وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ للإلصاق؛ أي ألصقوا المسح برءوسكم، فلا بد أن يبل يديه ثم يمر بهما على منابت الشعر كله.
وهكذا أيضًا يمسح أذنيه، مسح الأذنين بأن يبل أصبعيه فيدخل السبابتين في خرق الأذن ويمسح ظاهر الأذن بالإبهام، هذا معنى ظاهرهما وباطنهما، ورد فيه حديث الأذنان من الرأس يعني يمسحان تبع الرأس.
وجعل بعضهم ما أقبل من الأذنين من الوجه وما أدبر من الرأس، فعلى هذا إذا غسل وجهه وغسل خديه فإنه يغسل ما يتمكن منه من مقابل الأذن، ولا يلزم أن يدخل الماء في الأذن لما في ذلك من الضرر، ولا يلزمه أن يتتبع غضاريف الأذن الداخلة يتتبعها لا بالمسح ولا بالغسل لما في ذلك من المشقة، فهذا مما جاءت به السنة أنه يمسح باطنهما وظاهرهما.